المشاركات الشائعة

السبت، 20 يوليو 2013

الجهاد

تنحِّي يا حورَ الجنانِ عنَّا ... لا فيكِ قاتَلْنَا و لا قُتِلْنَا
وَ لكِنْ إلى سيِّدنَا اشتقنَا ... قدْ علمَ السِّرَّ و ما أعلنَّا

كثيرٌ منَ الاخوةِ إذَا ذُكِرَ عندَهُ الجهادُ تذكَّرَ حورَ الجنانِ و طارَ قلبُهُ شوقًا إليهِنَّ.
فَمن جاهَدَ من أجلِ ذلكَ فجهادُهُ 'صحيحٌ' و نيَّتُهُ 'حسنةٌ'.
... لكنَّ الأحسنَ و الأكمَلَ أن يرجوَ بعملِهِ ما هُوَ أعظمُ ألا و هوَ وجهُ اللهِ سُبحانَهُ فهوَ أحسنُ ما يُرجَى و أعظمُ ما يُرادُ.

يقول ابن دقيق العيد -رحمهُ اللهُ- : (المُجاهِدُ لطلبِ ثوابِ اللهِ تعالى و النَّعيمِ المُقيمِ مُجاهِدٌ في سبيلِ اللهِ و يشهدُ لهُ فعلُ الصَّحابيِّ و قد سمعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّمَ يقولُ : (قُوموا إلى جنَّةٍ عرضُها السَّماواتُ و الأرضُ) فألقَى التَّمراتِ الّتي في يدِهِ و قاتلَ حتَّى قُتِلَ. و ظاهرُ هذَا أنَّهُ قاتلَ لثوابِ الجنَّةِ. و الشَّريعةُ كُلُّها طافحةٌ بأنَّ الأعمالَ لأجلِ الجنَّةِ "أعمالٌ صحيحةٌ غيرُ معلولَةٍ" لأنَّ اللهَ تعالى ذكرَ صفةَ الجنَّةِ و ما أعدَّ فيها للعالمينَ ترغيبًا للنَّاسِ في العملِ و مُحالٌ ان يُرغِّبهُمْ في العملِ للثَّوابِ و يكونَ ذلكَ معلولًا مدخولًا.
إلَّا أن يُدعَى أنّ غيرَ هذَا المقامِ أعلَى منهُ، فهذَا قد يُسامحُ فيهِ، و أمَّا أن يكونَ علَّةً في العملِ فلا) ا.هـ. [إحْكَامُ الأحكَامِ شرحُ عُمْدةِ الأحكامِ 4/248]

و قالَ الإمامُ ابن النَّحّاسِ -رحمهُ اللهُ- : (و منهُمْ من يقصِدُ بجهادِهِ الحنَّةَ و ثوابَهَا و كواعِبَها و أترَابَها و النَّجاةَ من النَّارِ و عقابِها و أليمِ عذابِهَا من غيرِ تصوُّرٍ لغيرِ ذلكَ، هذَا هو الأغلبُ وجودًا. و قد قال بعضُهُمْ: إنَّ هذَا القصدَ لا يكفِي في نيلِ رُتبةِ الشَّهادَةِ. و الظَّاهرُ الصَّحيحُ أنَّ هذا القصدَ كافٍ في نيلِهَا و أنَّ صاحِبَهَا من الفائِزِينَ بجنَّاتِ النَّعيمِ) [مشارعُ الأشوَاقِ إلى مصَارِعِ العُشَّاقِ 2/613-614]

و قال ابن القيِّمِ -رحمهُ اللهُ- : (الشّوقُ إلى مُجرَّدِ الأكلِ و الشُّربِ و الحورِ العينِ في الجنَّةِ ناقصٌ جدًّا بالنِّسبةِ إلى شوقِ المُحبِّينَ للهِ تعالى، بلْ لا نسبةَ لهُ إليهِ البَتَّةَ) [مدارِجُ السالِكينَ، 3/57]

فعنْ صُهيبٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- عن النّبيِّ -صلّى اللهُ عليهِ و سلَّمَ- قال : (إذا دخلَ أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ يقولُ اللهُ تباركَ و تعالى: تُرِيدُونَ شيئًا أزيدُكُمْ ؟ فيقولونَ ألمْ تُبيِّضْ وجُوهنَا؟ ألمْ تُدخِلْنَا الجنَّةَ و تُنجِّنَا من النَّارِ قالَ فيكشفُ الحجابُ فمَا أُعطُوا شيئًا أحبَّ إليهِمْ من النَّظَرِ إلى ربِّهِمْ عزَّ و جلَّ) [أخرجَهُ مُسْلم]

ليست هناك تعليقات: